خطبة قطري بن الفُجاءة
التعريف بالخطيب :
هو جَعْوَنة بن مازن بن يزيد الكناني المازني التميمي أبو نعامة(? - 78 هـ / ? - 697 م). شاعر الخوارج وفارسها وخطيبها والخليفة المسمّى أمير المؤمنين في أصحابه ، وكان من رؤساء الأزارقة (طائفة من الخوارج)وأبطالهم. ولد في قطر و الفُجاءة لقب لأبيه ؛ لأنه سافر إلى اليمن و أقام فترة طويلة، ثم رجع إلى قومه فجأة ، وقطري من خطباء العرب المفوهين اشتهر بالبلاغة وفصاحة اللسان وبالشجاعة وقوة النفس وخطبته تدل على إنسان صاحب إيمان عميق زاهد بدنيا وخائف من عاقبة الآخرة .
التمهيد :
خطب قطري بن الفُجاءة في أصحابه هذه الخطبة ودعاهم فيها إلى النضال و الجهاد ، وحذرهم من الانسياق إلى الدنيا و بريقها الزائف ، و النص من كتاب " البيان و التبيين للجاحظ"
الخطبة :
(أما بعد. فإني أحذركم الدنيا، فإنها حلوة خَضِرة، حُفَّت بالشهوات، وراقت بالقليل ، وحليت بالآمال، وتزينت بالغرور ، غرَّارة، ضرَّارة ، خوَّانة غدَّارة،لا تعدو إذا هي تناهت إلى أمنية أهل الرغبة فيها والرضا عنها أن تكون كما قال الله تعالى : "كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً ") .
اللغويات :
حفت : أحيطت - الشهوات : الملذات ، الرغبات - راقت : طابت ، حسنت × ساءت ، خبثت - حليت : تزينت × قبحت - غرارة : تغري أهلها - ضرارة : شديدة الضر بالناس - تناهت إلى أمنية : حققت أمنيات الناس - اخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ : أي صار النبات قوياً كثيراً لاختلاطه - هشيماً : أي تكسّر النبات و تفتت - تذروه الرياح : تحركه بشدة وتنسفه ذات اليمين و ذات الشمال × تجمعه - مقتدراً : أي قادراً
الشرح :
س1 : ما نوع الخطبة ؟ وما موضوعها ؟
جـ : نوع هذه الخطبة : خطبة دينية .موضوعها : التحذير من متاع الدنيا و بريقها الزائف .
س2 : إلام يدعو قطري في خطبته ؟ ولماذا ؟
جـ : يدعو أنصاره من الخوارج إلى جعل تقوى الله هدفهم ، ويحذرهم من الإقبال على الدنيا وما فيها من متع مغرية خدّاعة ، حتى إنها تبدو حلوة ناعمة جذابة بما يحفها من الشهوات و الملذات المادية و الآمال الكاذبة الخادعة.
س3 : بم وصف قطري الدنيا ؟ وما دوافعه لذلك ؟
جـ : وصف قطري الدنيا بالنبات الأخضر الذي يفيض بالحياة وسرعان ما انتهت حياته و تحول إلى حطب يابس تبعثره الرياح .
دوافعه : دعوة أتباعه إلى الجهاد والكفاح ، و التحذير من متاع الدنيا الخادع .
س4 : يبدو تأثر الخطيب بالقرآن الكريم و الحديث الشريف في خطبته . وضح ذلك .
جـ : بالفعل يبدو تأثر الخطيب بالقرآن الكريم في استشهاده بآية كريمة من سورة الكهف وهي ( كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً)(الكهف: من الآية45) . كما نجد تأثره بالحديث الشريف في قوله : (فإنها حلوة خَضِرة، حُفَّت بالشهوات) فهو مأخوذ من قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - ( إنما الدنيا حلوة خضرة)، وكذلك من قول الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - ( حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات) .
التذوق :
& ( فإني أحذركم الدنيا) : أسلوب خبري مؤكد بإن للنصح و التحذير .
& (الدنيا) : مجاز مرسل عن الشرور و الآثام ، علاقته المحلية .
& (فإنها حلوة) : س / م ، حيث صور الدنيا بفاكهة حلوة ، وهي توحي بإغراء الدنيا الكبير ، وسر جمال الصورة التجسيم .
س1 : ما علاقة ( فإنها حلوة خضرة) بما قبلها ) ؟
جـ : العلاقة :تعليل
& (غرَّارة - ضرَّارة) : جناس يعطي جرساً موسيقياً محبباً للأذن .
& (غرَّارة ضرَّارة - خوَّانة غدَّارة ) : سجع يعطي جرساً موسيقياً محبباً للأذن .
& (حفت بالشهوات) : س / م ، حيث صور الدنيا بأرض والشهوات بسور يحيط بها من كل ناحية ، وهي صورة توحي بإغراء الدنيا الشديد وبمدى خداعها للبشر .
& (حليت بالآمال، وتزينت بالغرور) : س / م ، حيث صور الدنيا بامرأة و الآمال و الغرور بالجواهر الثمينة التي تتزين بها ؛ لبيان إغرائها الكبير .
& (الدنيا ... كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً) : تشبيه تمثيلي حيث شبه حال الدنيا بما فيها من متاع قليل وعمر قصير بالمقارنة بمتاع و نعيم الآخرة و الخلود بحال أرض سقط عليها المطر فاخضرت و أنبتت ثماراً و أزهاراً أعجبت الناس، وظنوا أنه باق ، ولكن سرعان ما جف النبات ، وصار هشيماً تبعثره الرياح هنا و هناك ، وهذه الصورة توحي بتغيير الأحوال ؛ لأن دوام الحال من المحال .
س2 :استطاع الخطيب انتقاء الألفاظ التي تتلاءم مع عاطفة كراهية الانسياق (الاندفاع) الدنيا و بريقها الزائف . .. وضح ذلك .
جـ : استطاع الخطيب انتقاء الألفاظ التي تتلاءم مع عاطفة كراهية الانسياق (الاندفاع) الدنيا و بريقها الزائف ويتضح ذلك في الألفاظ
أحذركم - الشهوات - الغرور - خوانة )
التعليق :
س1 : ما أجزاء الخطبة ؟ وهل تحققت هذه الأجزاء في خطبة قطري ؟
جـ : أجزاء الخطبة : المقدمة - الموضوع - الخاتمة، ومقدمة هذه الخطبة والخاتمة محذوفتان . أما الموضوع فهو التحذير من متاع الدنيا و بريقها الزائف .
س2: إلى أي مدى تحققت أهداف الخطبة ؟
جـ : أهداف الخطبة :
1 - الإفهام : وقد تحقق نتيجة وضوح الألفاظ وقصر العبارات .
2 - الإمتاع : وقد تحقق نتيجة الصور الجميلة والموسيقا غير المتكلفة كازدواج الجمل .
3 - الإقناع : وقد تحقق نتيجة التوكيد و الترادف المعنوي .
س3:لماذا ازدهرت الخطابة في العصر الأموي ؟
جـ : لاعتماد الأحزاب السياسية و الفرق الدينية عليها كأداة لاستمالة الناس إلى مذهبها و الدفاع عن مبادئها .
س4:استخدم قطري في خطبته " الفصل " بين بعض الجمل و "الوصل" بين بعضها. وضح ذلك مستشهداً .
جـ : استخدم قطري في خطبته " الفصل " بين بعض الجمل، كما في قوله : [غرَّارة - ضرَّارة - خوَّانة - غدَّارة] وذلك لإتمام الاتصال بينها ، فالجمل يتصل بعضها بالبعض الآخر .
- كما استخدم في بعضها "الوصل" بين الجمل بحرف العطف ؛ لأن الجمل يكمل بعضها البعض ، ومن ذلك قوله : [ حُفَّت بالشهوات، وراقت بالقليل ، وحليت بالآمال، وتزينت بالغرور] .
س5:بم تميز أسلوب قطري في هذه الخطبة ؟
جـ : تميز أسلوب قطري في هذه الخطبة بـ :
1 - العاطفة القوية المنبعثة من إيمانه القوي بحقارة وتفاهة الدنيا التي لا أمان فيها .
2 - الصور الجميلة المؤثرة في النفس .
3 - الأساليب السهلة ، و الألفاظ الواضحة الملائمة للجو النفسي ، و الترادف في المعنى .
4 - الإفهام و الإقناع و الإمتاع .
5 - التأثر بالقرآن الكريم و الحديث الشريف .
تدريب
س1 : ما رأي قطري في الدنيا ؟ ولماذا ؟
س2 : من أي الكتب الأدبية هذا النص ؟
س3 : دوام الحال من المحال .. ناقش هذه العبارة من خلال فهمك للخطبة .
س4 :بم تميّز أسلوب قطري في هذه الخطبة ؟