" من توجيهات الرسول عليه السلام"
التمهيد :
هذا الحديث هو وصية جامعة مانعة موجزة لمبادئ الحياة كلها ، وصية فيها قواعد كلية في التعامل مع الله ، والتعامل مع النفس، والتعامل مع الناس حرص الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يقدمها لأمته ؛ لرسم لهم الطريق الأمثل في الحياة.
الحديث :
عَنْ أبي ذر جندب بن جنادة وأبي عبد الرحمن معاذ بن جبل رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما عَنْ رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : (اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُما كُنْتَ، وأتْبعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَة تَمْحُها، وخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ.. ) رواه التِّرْمِذِيِّ .
اللغويات :
اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُما كُنْتَ : أي اخشَ الله في كل مكان و أوان
- الحَسَنَة : وتكون بصلاة أو صوم أو صدقة أو استغفار .. إلخ
- تَمْحُها : تزيلها ، تدفعها × تثبّتها ، تبقيها
- خَالِقِ النَّاسَ : أي خالطهم وعاملهم
- بِخُلُقٍ حَسَنٍ : بالمعاشرة الطيبة و المعاملة الحسنة .
الشرح :
س 1: كيف تكون علاقة الإنسان بربه ؟
جـ : أن يعبد الله كأنه يراه فإن لم يكن يراه فالله يراه، وهي علاقة تقوم على الإتيان بجميع الواجبات والانتهاء عن سائر المنكرات والاستمرار على الطاعات .
س 2: كيف تكون علاقة الإنسان بنفسه ؟
جـ : بالإكثار من فعل الحسنات ( من صلاة أو صدقة أو استغفار أو تسبيح أو غيرها) ، فكلما اقترف ذنباً - ولو صغيراً - بادر بالحسنة ؛ لأن الحسنات يذهبن السيئات ، ولا يمحو الشر إلا الخير (الحسنة) .
س 3: كيف تكون علاقة الإنسان بالناس ؟ أو كيف يكون خلق المسلم حسناً ؟
جـ : هو أن تفعل معهم ما تحب أن يفعلوه معك أي يعاملهم معاملة حسنة ، فيحسن إلى مسيئهم ، ويصل من قطعه ، ويعفو عمن ظلمه
س4 : ما ثواب أن نكون من المتقين؟
جـ : ثواب المتقين هو :
1 - حُب الله (فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) (من الآية 76 - آل عمران)
2 - أن نكون في حماية الله(أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (من الآية 123 - التوبة)
3 - حياة ميسرة فيها هدوء البال (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) (من الآية 4 - الطلاق)
4 - تكفير السيئات والأجر من الله (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) (من الآية 5 - الطلاق)
5 - يجعل الله له مخرجاً ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) (من الآية 2 - الطلاق)
6 - الرزق (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) (من الآية 3 - الطلاق)
7 - الجنة (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (من الآية 133 - آل عمران)
8 - النجاة من العذاب (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا) (من الآية 72 - مريم)
ما يرشدنا إليه الحديث :
1 - وضع الأسس الصحيحة لعلاقة الإنسان بربه ونفسه ومجتمعه .
2 - الحرص على سعادة الفرد في الدنيا و في الآخرة .
3 - تكوين الروابط الاجتماعية لنهضة المجتمع .
4 - الخلق الحسن أساس قوة الأمم .
5 - مراقبة الله وخشيته سراً وعلانية .
التذوق :
(اتَّقِ اللَّهَ - أتْبعِ - خَالِقِ) : أساليب إنشائية / أمر ، غرضها : النصح والإرشاد .
(السَّيِّئَةَ - الحَسَنَة ) : محسن بديعي / طباق .
(تَمْحُها) : نتيجة لما قبلها .
( أقوال في التقوى ) :
التقوى: أن يجدك الله حيث أمرك، ولا يجدك حيث نهاك.
قال ابن مسعود: التقوى أن يطاع الله فلا يعصى ويذكر فلا ينسى، وان يشكر فلا يُكفر.
روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار.
كتب عمر إلى ابنه عبد الله: أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله عز وجل فإنه من اتقاه وقاه ،
ومن أقرضه جزاه ، ومن شكره زاده ، واجعل التقوى نصب عينيك وجلاء قلبك .