رسالة عمر بن الخطاب لأبي موسى الأشعري
س1 : ماذا تعرف عن عمر بن الخطاب ؟
جـ : هو عمر بن الخطاب (40 ق هـ - 24 هـ) بن نفيل ، القرشي ، العدوي ، أبو حفص ، ثاني الخلفاء الراشدين ، وأول من لقب بأمير المؤمنين ، يضرب بعدله المثل ، لقبه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفاروق.
كان في الجاهلية من أبطال قريش ، وأشرافهم ، وقد أسلم في السنة السادسة من النبوة ، وكان في إسلامه عزة وظهور للإسلام .
هو أحد العشرة المبشرين بالجنة ، وأفضل الصحابة بعد أبي بكر الصديق ، تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنته حفصة رضي الله عنها.
كان شجاعاً ، مَهِيباً ، عبقريا ، جوَّاداً ، من فقهاء الصحابة الراسخين في العلم . بُويِع بالخلافة يوم وفاة أبي بكر الصديق سنة 13هـ ، بعهد منه ، وفي عهده تمت إنجازات عظيمة للإسلام والمسلمين ، من أبرزها :
1 - كثرة الفتوحات الإسلامية فتم فتح (الشام ، والعراق ، والقدس ، والمدائن ، والجزيرة ، ومصر ..)
2 - أنه وضع تأريخا للمسلمين من حدث عظيم في الإسلام وهو الهجرة النبوية الشريفة .
3 - أنه دون الدواوين المختلفة لتنظيم شؤون الدولة (ديوان الجند ، ديوان بيت المال ، ديوان الزكاة .. ).
4 - أنه أول من ضرب الدراهم (صنعها وصكها ) في الإسلام .
5 - جمعه الناس على صلاة التراويح .
6 - بناؤه مدينتي البصرة والكوفة .
قَتَله أبو لؤلؤة فيروز المجوسي غيلة (غدراً ) بخنجر مسموم في خاصرته (جَنْبه) وهو يؤمّ الناس في صلاة الفجر ، توفي بعدها في اليوم الثالث ، وذلك في أول المحرم سنة 24هـ الموافق لـ 644م ، ودفن بالحجرة النبوية إلى جانب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه أبى بكر .
الرسالة :
كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري وقد ولاه القضاء :
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله " عمر" أمير المؤمنين ، إلى " عبد الله بن قيس [أبى موسى الاشعري] " :
[ سَلامٌ عَلَيكَ ، أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ الْقَضَاءَ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ وَسُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ فَافْهَمْ إِذَا أُدْلِىَ إِلَيْكَ، فَإِنَّهُ لاَ يَنْفَعُ تَكَلُّمٌ بِحَقٍّ لاَ نَفَادَ لَهُ ، آسِ بَيْنَ النَّاسِ فِي وَجْهِك وَعَدْلِك وَمَجْلِسِك ؛ حتى لَا يَطْمَعَ شَرِيفٌ فِي حَيْفِك , وَلَا يَيْأَسَ ضَعِيفٌ مِنْ عَدْلِك . الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنْ ادَّعَى , وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ، وَالصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلاَّ صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا ، أَوْ حَرَّمَ حَلاَلاً ، لاَ يَمْنَعَكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ اليوم فراجعت نفسك فيه ، وهُديتَ فيه لرشدك، أن ترجع إلى الحق؛ فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ وَمُرَاجَعَةُ الْحَقِّ خَيْرٌ مِنَ التَّمَادِي في الْبَاطِلِ .
الْفَهْمَ .. الْفَهْمَ ، فِيمَا يتلجلج فِي صَدْرِكَ مِمَّا لَمْ ليس في كتاب ولا سنة، ثم عْرِفِ الأَمْثَالَ وَالأَشْبَاهَ ، فقِسِ الأُمُورَ عند ذلك، وَاعْمَدْ إلى أقربها إِلَى اللَّهِ، وَأَشْبَهِهَا بِالْحَقِّ]
اللغويات :
القضاء : الحُكْم ج الأقضية ، و القضاء هو : إقامة العدل
- فَرِيضَة : أمْر يجب اتباعه ج فَرَائِض
- محكمة : منظمة بدقة، متقنة
- سنة : طَرِيقَة
- أُدْلِىَ إليك : أُسْند القضاء إليك
- لا نفاذ له : لا تنفيذ له
- آسِ بين الناس: سَوِّ بينهم بالعدل × فـرِّق ، ميِّز ، ومضارعه يؤاسي
- شريف : عالى المنزلة ج شرفاء ، أشراف × وضيع
- في وجهك : أي في نظرتك
- حيفك : ظلمك وجورك و المقصود محاباة ومناصرة البشر بالباطل
- الْبَيِّنَةُ : الدليل ، أو كل ما يثبت به الحق ، ويظهر من أدلة و شهود ووثائق
- الْيَمِينُ : الحلف ، القسم ج أَيْمُن ، أيْمان
- أنكر : جحد ، لم يعترف × أقر
- رشدك : صوابك
- التمادي : الاستمرار × التوقف و التراجع ، الامتناع
- الباطل : غير الحق ، الزور ج أباطيل
- يتلجلج : يدور ، يتردد
- كتاب : أي القرآن
- الأشباه : الأمور المتشابهة م الشِبْه
- الأمثال : الأمور المتماثلة
- اعمد : اقصدْ واتجه
- أشبهها : أقربها إلى شرع الله .
الشــرح :
س1 : بمَ أوصى عمر - رضي الله عنه - أبا موسى الشعري في تلك الرسالة ؟
جـ : أن يشعر بشرف مهنة القضاء ، ويعتز بها ، ولابد من التحقق قبل تنفيذ الحكم ؛ لأنه لاقيمة لحكم ينطق به القاضي إذا لم ينفذ ، وأن يساوي بين الناس في كل أموره ، وأن يحرص على العدل ؛ حتى لا يطمع قوي في أخذ ما ليس بحقه ، ولا يخشى الضعيف على حقه من الضياع .
س2 : ما القواعد التي أتبعها عمر- رضي الله عنه - في كتابة الرسالة ؟
جـ : القواعد التي أتبعها عمر - رضي الله عنه - في كتابة الرسالة هي :
1 - المقدمة: وتتمثل في : البدء بالبسملة ، ذِكْر المرسِل (عمر) والمرسَل إليه (عبد الله بن قيس) ، التحية .
2 - موضوع الرسالة : ويتمثل في المبادئ التي أوصى بها سيدنا عمر - رضي الله عنه-
3 - الخاتمة : التي يحث فيها على ضرورة القياس فيما لم يردْ في القرآن أو السنّة النبوية .
س3 : ما مبادئ القضاء العادل كما تفهمها من النص ؟
جـ : مبادئ القضاء العادل هي :
1 - فهم القاضي مهنته ، واعتزازه بشرف تلك المهنة السامية
2 - متابعة القاضي لأي حكم يصدره حتى ينفّذ ؛ فلا قيمة لحكم لم ينفذ .
3 - المساواة التامة بين المتخاصمين ، فلا فرق بين إنسان قوي بماله و آخر ضعيف بفقره ، أو بين وزير وغفير .. إلخ .
4 - البيّنة (الدليل من شهود - وثائق) على المدّعي ، فإذا لم يوجد بيّنة ، فعلى القاضي أن يأتي بالمُدّعى عليه(المتهم) ؛ ليقوم بحلف اليمين على كذب المدعي .
5 -الصلح بين المتخاصمين جائز إذا لم يحلُّ حراماً أو حرَّم حلالاً .
6 - الرجوع في أي حكم متى تبيّن أنه حكم خاطئ ؛ لأن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل .
7 - إعمال العقل (التفكير والتدقيق ) فيما لم يردْ فيه نص قرآني أو حديث شريف .