الإشادة بخصال الصحابة
التعريف بالشاعر :
هو أبو الوليد حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي ، عاش في الجاهلية ستين سنة ، وفي الإسلام ستين أخرى ، ويكنى أبا الحسام لدفاعه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وكانت نهاية رحلة حياته في عهد معاوية سنة 54 هـ .
التمهيد :
في العام التاسع الهجري أتت الوفود ؛ لتعلن إسلامها وقد أتى وفد بني تميم ووقف شاعرهم (الزبرقان) يلقي أبياتاً يفتخر فيها بأمجاد وبطولات قبيلته قائلاً :
نَحْنُ الْكِرَاْمُ فَلا حَيَّ يُعَادِلُنَا مِنَّا الْمُلُوْكُ وَفِيْنَا تُنْصَبُ البِيَعُ
ولما انتهى سمح الرسول - صلى الله عليه وسلم- لحسان بالرد عليه بقصيدة منها هذه الأبيات .
الأبيات :
1 - إِنَّ الذَوائِبَ مِن فِهـرٍ وَإِخوَتَهُم قَد بَيَّنوا ســـنَناً لِلناسِ تُتَّبَعُ
2 - يَرضى بِها كُلُّ مَن كانَت سَريرَتُهُ تَقوى الإِلَهِ وَبِالأَمرِ الَّذي شَرَعوا
اللغويات :
الذَّوائب : م [ ذؤابة ] ، وهي أعلى الشيء والمراد : أعالي القوم وعظماؤهم
- فِهْرٍ : إحدى قبائل قريش
- وأخوتهم : أي الأنصار
- بيَّنوا : وضّحوا × أغمضوا
- سنناً : م سنة ، وهي الطريقة و المنهج
- يرضى : يقبل × يرفض
- سريرتُهُ : نِيته ، طَويته ، وهي كل ما يكتم في القلب ج سرائر
- شرعوا : بيَّنوا ووضحوا .
الشرح :
س1 : بمن يفتخر الشاعر في هذه الأبيات ؟ ولماذا ؟
جـ : يفتخر الشاعر في هذه الأبيات بالمهاجرين والأنصار .
- فهم الذين أرشدوا الناس إلى الحق ممثلاً في الإسلام و شريعته التي توافق فطرة الإنسان السليمة السوية ، و النفس النقية التي تخشى الله وتلتزم بأوامره .
التذوق :
(الذوائب) : استعارة تصريحية ، شبه الشاعر المهاجرين و الأنصار بالذوائب {أعلى الشيء} ؛ ليوحي بعلو مكانة المسلمين وسمو منزلتهم .
(إنَّ الذَّوائب .. قد بيَّنوا) : أسلوب توكيد بـ (إن) و (قد) .
(إِخوَتَهُم) : توحي بقوة العلاقة بين المهاجرين والأنصار.
(سنن) : نكرة للتعظيم ، وجمعاً للكثرة .
(تتبعُ) : بُنِيَ الفعل للمجهول ؛ لإفادة العموم فالكل يتّبع تلك السنن .
(يرضى بها كل من كانت سريرتُهُ تقْوى الإله) : كناية عن صفة ، وهي أن الإسلام دين الفطرة السليمة .
الأبيات :
3 - قَومٌ إِذا حــارَبوا ضَروا عَدُوَّهُمُ أَو حاوَلوا النَفعَ في أَشياعِهِم نَفَعوا
4 - سَــجِيَّةٌ تِلكَ فِيهُم غَيرُ مُحـدَثَةٍ إِنَّ الخَلائِقَ - فاعلم - شَـرُّها البِدَعُ
5 - إِن كانَ في الناسِ سَبّاقونَ بَعدَهُمُ فَكُلُّ سَبــــقٍ لِأَدنى سَبقِهِم تَبَعُ
6 - أَعِفَّةٌ ذُكِرَت في الوَحــيِ عِفَّتُهُم لا يَطمَعونَ وَلا يُزْري بهــم طَمَعُ
7 - لا يَفْخَرُونَ إِذَا نَاْلُوا عَــدُوَّهُـمُ وإِنْ أُصِيْبُوا فَلا خــورٌ ولا جُزُعُ
اللغويات :
أشياعهم : أتباعهم وأنصارهم م شِيعة
- سجيةُ : طَبْع ، طبيعة ج سجايا
- محْدثةٍ : جديدة × قديمة
- الخلائق : الطبائع م خليقة
- شرها : أسوأها × خيرها
- البدعُ : الأمور المستحدثة م بِدْعَة
- سبَّاقون : لهم الريادة
- لأدنى : لأقل و المؤنث دنيا
- أعفةٌ : م عفيف و هو النزيه الطاهر الشريف
- لا يطمعون : لا يحرصون
- يُزْري: يُنْقص
- طمع : شهوة ورغبة × قناعة وزهد
- إذا نالوا عدوهم : أي هزموه
- خور : جبناء ضعفاء م خوَّار
- جُزُعُ : م جَزوع الشديد الفزع عند الشدائد × صبور .
الشرح :
س1 : بمن يفخر الشاعر في هذه الأبيات ؟ وما الصفات التي أثبتها لهم ؟
جـ 1: يفخر الشاعر في هذه الأبيات بالمهاجرين و الأنصار الذين أرشدوا الناس إلى الخير .
- الصفات التي أثبتها لهم :
1 – الشدة على الكفار في حربهم ، والرحمة واللين فيما بينهم ، فإن حاربوا عدواً قهروه ، وإن ساعدوا صديقاً نصروه (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) [الفتح: من الآية29] .
2 – الطباع الجميلة والأخلاق الكريمة ، والتسابق في فعل الخير .
3 – العفة و الشرف ، ولقد أشاد بهم القرآن (يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ)[البقرة: من الآية273]
4 – التواضع عند الانتصار فلا مفاخرة بنصر ، ولا ضعف عند الهزيمة ؛ لأنهم يعلمون أن نصر الله آتٍ لا محالة (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)[البقرة: من الآية214] .
س2: الشاعر متأثر بمعاني القرآن الكريم في قصيدته . وضح ذلك مع التدليل .
جـ2 : بالفعل الشاعر متأثر بمعاني القرآن الكريم في قصيدته حيث نجده في البيت الثالث متأثر بقول الخالق في وصف المؤمنين : (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)[الفتح: من الآية29].
- و البيت السادس مأخوذ من معنى قوله تعالى في حديثه عن حال فقراء المهاجرين : (يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ)[البقرة: من الآية273] .
- و البيت السابع مأخوذ من معنى قوله تعالى في حديثه عن ثبات المؤمنين في الشدائد : (فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ)[آل عمران: من الآية146] .